لا تكن مفلساً .. اشترِ مرآة وانظر لنفسك !
دخل رجلٌ على شيخٍ يشرح لتلاميذه شيئاً من صحيح البخاري ، فانتقد الرجلُ الشيخَ قائلاً : الناس في الغرب وصلوا القمر وأنت هنا تشرح صحيح البخاري ! فأجابه الشيخ : ولمَ العجب ؟ مخلوق يريد الوصول إلى مخلوق ، ونحن نريد أن نصل إلى الخالق ! وأتبع الشيخ قائلاً : لكن أتعلم أنك المفلس الوحيد بيننا ! فلا أنت وصلت للقمر معهم ، ولا أنت درست البخاري معنا !
مع إيماني الحتمي بأن صحيح البخاري هو أصح الكتب بعد كتاب الله رفقة صحيح مسلم ؛ لكنني لست بصدد الدفاع عنه ، ليس لأي شيء ، ولكن لأنه لا يليق أن يكون موضع تُهمة أصلاً ، ولا يحتاج لمحامٍ يرافع عنه ، يكفيه شهادة الأئمة والراسخين في العلم على مر الزمان ، ولست أيضاً من دعاة التخلف والتأخر ، فلا عيب أن تصل القمر وتدرس البخاري في آن واحد ، لا بأس أن تكون من أهل التطور وممن عرفوا أمر دينهم ودنياهم في نفس الوقت ، دعونا من هذه العقلية التي تجعل من الإسلام عثرةً في طريق الحضارة .
وقد ذكرت هذا الحوار كمقدمة لننظر إليه من زاوية أخرى ، أود أن أسلط ضوءاً على أولئك المفلسين الذين لم ينالوا نصيباً من الفهم ولو قليلاً ، الذين يجلسون على قارعة طريق حياتنا وحياة غيرنا ، لا تفوتهم شاردة ولا واردة إلا تركوا فيها بصمة انتقادٍ أو تجريح ، يتقنون الهدم الذاتي ، ينطقون بالكلام لمجرد النطق به ، وظيفتهم في الحياة إصدار الأحكام على كل من يمر في طريقهم ، ولكنهم لم يجربوا أن يقفوا أمام المرآة قليلاً ويدققوا في تفاصيل حياتهم كما يفعلون بغيرهم ، أولئك الذين لم يصلوا القمر ولم ينهلوا من البخاري شيئاً !
من الجيد أن ندرك جملة من المسائل الواقعية التي نمر بها في خضم حياتنا ، أولها نمو ظاهرة الانتقاد الجارح وانعدام اللباقة في مجتمعاتنا ، فلا أحد يفكر في أن يحدث تغييراً هادفاً أو يترك أثراً طيباً في نفوس الآخرين ، بل أصبحنا كما البرامج التلفزيونية التي تمتهن الحديث عن الواقع وتغييره دون أن يتأثر الواقع بشيء ، بل وزدنا غلواً فوق ذلك بالتأثير سلباً على من يحاول أن يشق طريق نجاحه في الحياة !
ثاني هذه المسائل هو التطفل لأجل التطفل ، فلا يهم إن كان لذلك المتطفل رأي أو فهم أو أثر ، مهنته في الحياة وضع خطوطٍ حمراء على هفوات وزلات الآخرين ، لا يريد لهم نصحاً وإنما هدماً ، ويقول الرائع أحمد توفيق في ذلك : بدلاً من التطفل على خصوصيات الآخرين حاول أن تتطفل على المناطق المظلمة في عقلك ، تلك البقع التي لم تحظ بنعمة الفهم حتى الآن !
من المسائل الهامة أيضاً ما أشار إليه كريم الشاذلي في كتاب " ما لم يخبرني به أبي عن الحياة " إذ يقول : فَعل كل شيء ولم ينظر إلى المرآة !
قد ينتهك أحدهم محرمات وكبائر ويخرج على قومه بثوب الواعظين ، ينتقد هذا لأنه فعل وذاك لأنه لم يفعل ، وتلك لأنها قالت ، وتلك التي لم تقل ، يجيد فقط النظر إلى عيوب الآخرين و لا يرى في نفسه إلا كل خير والناس من حوله يعتريهم الخطأ والنقص !
قد ينتهك أحدهم محرمات وكبائر ويخرج على قومه بثوب الواعظين ، ينتقد هذا لأنه فعل وذاك لأنه لم يفعل ، وتلك لأنها قالت ، وتلك التي لم تقل ، يجيد فقط النظر إلى عيوب الآخرين و لا يرى في نفسه إلا كل خير والناس من حوله يعتريهم الخطأ والنقص !
من الواجب تعلم فن التستر على عيوب الآخرين والسكوت والإنصات قدر الإمكان ، ليس من الضروري أن نتحدث دائماً بهدف التحدث فقط وإن كان لا بد من ذلك فليكن لك تأثير إيجابي أو أثر هادف أو فائدة مرجوة ..
لا تكن مفلساَ ، ولا من الذين يقولون ما لا يفعلون ، لا تكن معول هدم بل معول بناء ، وجرب أن تشتري مرآة وانظر لنفسك !
مصعب عماد المبيض 🖊️
القائمة الرئيسية ▪️ Sasapost
لا تكن مفلساَ ، ولا من الذين يقولون ما لا يفعلون ، لا تكن معول هدم بل معول بناء ، وجرب أن تشتري مرآة وانظر لنفسك !
مصعب عماد المبيض 🖊️
القائمة الرئيسية ▪️ Sasapost
تعليقات
إرسال تعليق
أسعدني مرورك ..